قصة الشاب الذي اكتشف كنزاً من الحكمة في المسجد
في أحد الأيام الحارة من الصيف، وبينما كان أحمد، الشاب الطموح ذو العشرين عامًا، يسير في شوارع الحيّ بحثًا عن عمل، أثقلت همومه كاهله. كان أحمد يعاني من الإحباط بعد أن فشل في إيجاد وظيفة تناسبه. كان يشعر وكأن العالم بأسره ضده، وكل الأبواب مغلقة.
وفي طريقه، مرّ بمسجد صغير لم يكن قد دخله من قبل. بدا المسجد هادئًا ومريحًا، فقرر أن يدخل ليتوضأ ويصلي ركعتين عساه يجد راحة في قلبه.
بعد أن أنهى صلاته، جلس في زاوية المسجد وتأمل في الهدوء المحيط به. فجأة، اقترب منه رجل مسنّ يبدو عليه الوقار، وابتسم له قائلاً: "السلام عليكم يا بني، هل تسمح لي بالجلوس معك؟"
ردّ أحمد بابتسامة خفيفة: "وعليكم السلام، بالطبع يا عمّ، تفضل."
جلس الرجل إلى جواره وسأله: "ما الذي أتى بك إلى هنا في هذه الساعة؟ يبدو أنك تحمل همومًا كثيرة."
نظر أحمد إليه بتردد، لكنه شعر برغبة في البوح، فقال: "الحقيقة أنني أمر بظروف صعبة، وأشعر أن حياتي كلها تعيسة. بحثت عن عمل ولم أجد، وكلما حاولت الوصول إلى شيء، وجدت الصعوبات في طريقي."
ابتسم الرجل وقال: "يا بني، أتعلم أن هناك كنزًا مخفيًا في هذا المسجد؟"
رفع أحمد حاجبيه بدهشة: "كنز؟! ماذا تقصد؟"
أجاب الرجل: "نعم، إنه كنز من الحكمة والمعرفة. سأخبرك عنه، لكن أولاً دعني أحكي لك قصة صغيرة."
بدأ الرجل بحكاية عن شاب عاش ظروفًا مشابهة، وكيف تحول فشله إلى نجاح عظيم بفضل سر واحد تعلّمه. وقبل أن يُكمل الرجل قصته، أُذّن لصلاة العصر، فابتسم قائلاً: "لن أكمل الآن، صلِّ معنا، وسأكمل لك بعد الصلاة."
اقرأ الجزء الثاني في الصفحة التالية لتكتشف السر الذي غيّر حياة أحمد
<><>
بعد أن انتهى أحمد من صلاة العصر، شعر براحة غريبة تغمر قلبه، وكأن همه قد خف قليلاً. جلس مرة أخرى في نفس المكان، ولم يتأخر الرجل الوقور في الحضور. ابتسم وقال: "الآن يا بني، سأخبرك بسر الكنز."
جلس أحمد مشدودًا بكامل انتباهه، وقال: "أرجوك، أخبرني، فأنا بحاجة إلى أي نصيحة تساعدني على تغيير حياتي."
قال الرجل: "في حياتنا يا بني، نحن نبحث دائمًا عن النجاح في الأماكن البعيدة، وننسى أن الأساس يبدأ من داخلنا. السر الذي اكتشفته بعد سنوات طويلة من الفشل والبحث هو أن الله وضع لنا خريطة للنجاح في كتابه الكريم. لكننا كثيرًا ما ننسى أن نقرأها بقلوب واعية."
سأل أحمد بدهشة: "كيف ذلك؟"
ابتسم الرجل وأجاب: "سأعطيك ثلاث خطوات هي مفتاح الكنز:
توكّل على الله بصدق: ليس مجرد كلام نقوله بألسنتنا، بل أن تسلم أمرك لله بثقة تامة أنه سيختار لك الأفضل. الله يقول: 'وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا' (الطلاق: 2).
ابحث عن العمل الذي تحبه: الله خلق كل إنسان بمهارات وقدرات فريدة. بدلًا من أن تبحث عما هو متوفر فقط، فكّر في ما تتقنه وتحبه، واجعل منه مصدر رزقك.
ثابر ولا تستسلم: النجاح يحتاج إلى صبر وجهد، وربما فشل. لكن تذكر، كل خطوة تفشل فيها تقربك أكثر من هدفك. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: 'اعملوا فكل ميسر لما خُلق له.'
تأمل أحمد في الكلمات، وشعر وكأنها أضاءت طريقًا مظلمًا أمامه. نظر إلى الرجل وقال: "لم أفكر بهذه الطريقة من قبل. دائمًا ما كنت ألوم الظروف وأبحث عن حلول جاهزة."
قال الرجل بابتسامة: "اذهب الآن، وخذ خطوات صغيرة. اقرأ كتاب الله يوميًا، وتأمل معانيه، وابدأ بعمل صغير تحبه، وثق بالله في كل خطوة. سترى كيف سيفتح لك أبوابًا لم تتخيلها."
غادر أحمد المسجد، وشعر بروح جديدة تسري فيه. بدأ بتغيير نمط حياته، وسرعان ما بدأت الأمور تتحسن شيئًا فشيئًا، حتى أصبح لديه عمل ناجح وحياة مليئة بالسكينة والرضا.